الترجمة القانونية

لابدَّ لمنْ يمارسُ الترجَمةَ القانونيّةَ أن يكونَ مترجمًا بارعًا وعلى درايةٍ وعلمٍ بموضوعِ النصِّ الذي يترّجمهُ، كما لابدَّ لهُ أن يتمَتعَ بمعرفةٍ كبيرةٍ باللغةِ القانونيةِ، وفَهمٍ دقيقٍ للمبادئِ القانونيةِ.

تنشأُ أهميةُ الترجمةِ القانونيةِ من حقيقةِ ارتباطِها المُباشرِ بحقوقِ الفَردِ والتزاماتِهِ، وأيُّ خطأٍ في التَرجمةِ قد يؤدَّي إلى فقدانِ تلكَ الحُقوقِ أو عدَمِ الإيفاءِ بتلكَ الالتزاماتْ، أو قدْ يكونُ سِبباً لتضليلِ القضاةِ في تفسيراتِهم للوثائقِ المترجمةْ.

تُعدُّ الترجمةُ القانونيةُ من أصعبِ أنواعِ الترجمةِ وأكثَرُها تَحدّيًا عند مقارَنتِها بغيرها من التخصُّصاتِ مثلُ الترجمةِ الاقتصاديةِ والأدبيةِ. ويَنشأُ تعقيدُ الترجمةِ القانونيةِ من حقيقةِ أنها عمليَّةُ نقلِ النصوصِ من نظامٍ قانونيٍّ إلى نظامٍ قانونيٍّ آخر، وأنَّ النصوصَ القانونيةَ تستهدفُ مستويينِ منفصلينِ: العامَّة،  والمتخصصينَ القانونيينَ.

وفقًا لبعضِ الخبراءْ، فإنَّ الترجمةَ القانونيةَ هي عمليَّةُ نقلِ النصوصِ من لغةٍ إلى أخرى مع الالتزامِ بنظامِ وطبيعةِ المُصطَلحاتِ القانونيةِ وأصلُ الصياغةِ المناسِبةِ التي تَتوافقُ مع القوانينَ والتشريعاتْ.

 

تختلفُ الترجمةُ القانونيةُ عن غيرها من الترجماتِ المتخصصةِ في عدةِ نقاطٍ، أهمها:

أ- أنها عمليةُ النقلِ بين لغتينِ كلٍّ منهما يُوّصِّف نظامًا قانونيًا متميزًا، وهنا يعملُ المترجمُ القانونيّ على المقاربةِ بين هاتينِ اللغتينِ لتحقيقِ الغرضِ من الترجمة.

ب- تعدُّ الترجَمةَ القانونيةَ لغةَ إيجازٍ فريدةٍ من نوعها، ولا تتسمُ بالوصفيةِ؛ وهذا لأن الفعلَ القانونيَّ يقومُ على تغييرِ الواقعِ، مثلُ التحققِ من حقوقِ المدعيّ أو المدعى عليهِ، بدلاً من وصفهِ.

ج- تثيرُ الترجمةُ القانونيةُ مشكلةَ ترجمةِ المصطلحِ القانونيّ؛ نظرًا لصعوبةِ الترجمةِ بينَ نظامينِ قانونيينِ مختلفينِ، وهذا يعني أنَّ المترجمَ يبحثُ عنِ المصطلحاتِ المعادلةِ التي تؤدي الوظيفةَ نفسَها في النظامِ القانونيِّ المترجَمِ وفقًا لاستراتيجيةِ التكافؤِ الوظيفيّ؛ وهو ما يعني ترجمةُ المصطلحِ القانونيِّ من اللغةِ المصدرِ والنظامِ القانونيِّ في اللغةِ المصدرِ إلى المصطلحِ المعادلِ لهُ في اللغةِ الهدفِ والنظامِ القانونيِّ للغةِ الهدفِ.

 

تعدُّ عمليةُ الترجمةِ القانونيةِ مسؤوليةً كبيرةً وحملاً ثقيلاً على كَتِفِ المترجمْ، الذي قدْ يواجهُ بعضَ الصُعوباتِ في عمليةِ فهمِ النصوصِ ومِن ثمَّ ترجمتَها ونقلَها إلى اللغةِ الأخرى، ولكن سُرعانَ ما تختفي تلكَ الصُعوباتْ، إذا اكتسبَ المترجمُ الخبرةَ العمليةَ والتطبيقيةَ في هذا المجالْ.

لابدَّ للمترجمِ القانونيٍّ منَ التمتعِ بمهاراتِ لغويةٍ بالإضافةِ إلى الخبرةِ الفنيَّةِ لضمانِ إنتاجهِ ترجمةً دقيقةً وجيدةَ الصياغةِ للوثائقِ القانونيةِ في كلٍّ من لغتي المصدرِ والهدفْ.

من الضروريُّ الإشارةُ إلى التأثيرِ السلبيِّ للترجمةِ الحرفيةِ على جودةِ الترجمةِ، خاصةً عندَ استخدامِ الترجمةِ الحرفيّةِ في ترجمةِ النصِّ القانونيّ؛ فالترجمةُ الحرفيّةُ للنصِّ القانونيِّ ينتجُ عنها عدمُ دمجِ النصِّ في المعنى وعدمُ تطابقهِ في اللغةِ، والشيءُ نفسُهُ ينطبقُ على الجانبِ القانونيِّ، إذ تؤثرُ الترجمةُ الحرفيةُ سلباً على الأثرِ القانونيِّ للنصّ، فلابدَّ أن يكونَ لترجمةِ النصِ القانونيِّ الأثرَ نفسَهُ في اللغةِ الهدفِ، وإلَّا أضرَّ ذلكَ بحقوقِ أو التزاماتِ الطرفينِ المتعاقدينِ.

تشتملُ وثائقُ الترجمةَ القانونيةَ على أنواعٍ مختلفةٍ مثلُ ترجمةِ العقودِ والاتفاقياتِ ومنها عقودُ البيعِ والشراءِ والعقودُ التجاريةُ وعقودُ الزواجِ وما إلى ذلكْ، وترجمةُ القوانينَ واللوائحً، وكذلكَ ترجمةُ العديدِ من المستنداتِ القانونيةِ الأخرى مثل شهاداتِ الميلادِ وقراراتِ الطلاقِ وبراءاتِ الاختراعِ والإفاداتِ والوثائقِ القانونية وتقاريرُ الشرطةِ وغيرها من الوثائقِ القانونيَّةِ وتعدُّ ترجمةُ العقودِ والاتفاقياتِ وثائقٌ يتمُّ من خلالِها تحديدُ موافقةِ واتفاقِ الطرفينِ على مسألةٍ محدَّدةٍ، مع مراعاةِ الالتزاماتِ والحقوقِ بِالإضافةِ إلى الأحكامِ العامّة.